کد مطلب:336336
شنبه 1 فروردين 1394
آمار بازدید:237
الزواج المؤقت فی الکتاب و السنة
لقد أجمع أهل القبلة كافة علی أن الله تعالی قد شرع هذا النكاح فی دین الاسلام، و لا یرتاب فی هذا أحد من علماء المذاهب الاسلامیة علی اختلافها، بل لعل أصل مشروعیته یلحق بالضروریات. و الكتاب العزیز یدل علی مشروعیته، كما أن الأخبار فی مشروعیته متواترة حتی عند من یدعی نسخه.
أما الكتاب العزیز: فقد قال الله تعالی: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فریضة) [1] و كان أبی بن كعب و ابن عباس و سعید بن جبیر و ابن مسعود و السدی یقرءونها (فما استمتعتم به منهن الی أجل مسمی) أخرج ذلك عنهم الطبری فی تفسیر الآیة من تفسیره الكبیر، و أرسل الزمخشری فی الكشاف هذه القراءة، ارسال المسلمات، و كذلك الرازی فی تفسیره، و شرح صحیح مسلم للنووی فی أول نكاح المتعة.
[ صفحه 69]
و أید الامام أحمد بن حنبل فی مسنده، و أبوبكر الجصاص فی أحكام القرآن، و أبوبكر البیهقی فی السنن الكبری، و القاضی البیضاوی فی تفسیره، و ابن كثیر فی تفسیره، و جلال الدین السیوطی فی الدر المنثور، و القاضی الشوكانی فی تفسیره، و شهاب الدین الآلوسی فی تفسیره نزول هذه الآیة فی موضوع المتعة، بأسناد تنتهی الی أمثال ابن عباس، و أبی بن كعب، و عبدالله بن مسعود، و عمران بن حصین، و حبیب بن أبی ثابت من الصحابة، و سعید بن جبیر، و قتادة، و مجاهد من التابعین عن ابن عباس.
و لیس بالامكان تفسیر الآیة بالنكاح الدائم كما أصر علیه تفسیر المنار، و ذلك للأسباب التالیة:
1 - ما مر من أن عددا من الصحابة كانوا یقرءون الآیة (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فریضة) [2] باضافة جملة شارحة فی الوسط هی (الی أجل مسمی)، و غرضهم منها بیان المعنی و المورد و التفسیر،
[ صفحه 70]
و هذه الجملة الشارحة لا تنسجم الا مع النكاح المؤقت.
2 - ان لفظ المتعة، و ان كان صالحا للاستخدام فی الزواج الدائم الا أنه فی الزواج المنقطع أظهر، كما أن لفظ النكاح و ان كان صالحا للاستخدام فی الزواج المنقطع، الا أنه فی الزواج الائم أظهر، و ورود لفظ المتعة فی الآیة یساعد علی تفسیرها بالزواج المنقطع لا الدائم، و ان لم یكن فیه أظهر، فلا أقل من قبول دلالته علی الزواج المنقطع، و یكون حینئذ من الألفاظ المشتركة المستعملة فی أكثر من معنی واحد.
3 - ان آیة المتعة واردة فی سورة النساء التی ابتدأت بذكر النكاح و الزواج الدائم، و أحكامه خلال الآیات 3 و 4 و 23 - 20، فان كان المراد من المتعة هو النكاح الدائم أیضا تكون هذه الآیة تكرارا لمطلب مذكور فی ما سبق من السورة.
4 - لو كانت المتعة بمعنی الزواج الدائم فما هو المقصود بدعوی النسخ حینئذ؟ هل المقصود نسخ حكم الزواج الدائم؟! فلهذا تكون دعوی النسخ مؤیدة لكون آیة
[ صفحه 71]
المتعة بمعنی الزواج المنقطع لا الدائم.
أما النصوص و الأخبار: فهی متواترة و كثیرة جدا و نشیر الی بعضها:
1 -.. عن جابر، قال: كنا نستمتع... علی عهد رسول الله صلی الله علیه و سلم و أبی بكر.. ثم نهی عنه عمر [3] ..
2-... عن ابن عباس: ان آیة المتعة محكمة لیست بمنسوخة [4] .
3 -... تمتعنا علی عهد رسول الله و أبی بكر و نصفا من خلافة عمر ثم نهی عمر الناس [5] .
4 - عن الحكیم، و ابن جریح و غیرهما، قالوا: قال علی رضی الله عنه: لولا أن عمر نهی عن المتعة ما زنی الا
[ صفحه 72]
شقی [6] .
5 - عن عمران بن حصین، قال: نزلت آیة المتعة فی كتاب الله تعالی، لم تنزل آیة بعدها تنسخها، فأمرنا بها رسول الله، و تمتعنا مع رسول الله صلی الله علیه و سلم و مات و لم ینهنا عنها، ثم قال رجل برأیه ما شاء [7] .
6 - و أخیرا فقد روی ابن جریح وحده ثمانیة عشر حدیثا فی حلیة المتعة [8] فضلا عما رواه غیره.
فالأخبار و النصوص تؤكد ما دلت علیه الآیة الكریمة من حلیة الزواج المؤقت (أی زواج المتعة) و دوام مشروعیتها، و أن التحریم انما كان من سیدنا عمر رضی الله عنه - لا من النبی الأعظم صلی الله علیه و سلم - و أن طائفة من الصحابة و التابعین و حتی ابن عمر نفسه، قد استمروا علی القول بحلیتها رغم تحریر عمر.
[ صفحه 73]
[1] النساء: 24.
[2] النساء: 24.
[3] صحيح مسلم 131: 4 طبع مشكول، مسند أحمد 405: 6، فتح الباري 149: 9.
[4] الكشاف 498: 1 طبع بيروت، و الغدير: 6 عن تفسير الخازن 357: 1.
[5] بداية المجتهد 58: 2، و الغدير 223: 6 و 207.
[6] تفسير الطبري 9: 5، و تفسير الرازي 50: 10، و الدر المنثور للسيوطي 140: 2 بل: شقي، أي قليل.
[7] صحيح البخاري 168: 2 و 33: 6، و صحيح مسلم 48: 4، و سنن النسائي 155: 5، و مسند أحمد 426: 4 بسند صحيح.
[8] نيل الأوطار للشوكاني 271: 6، فتح الباري 150: 9.